استضاف مركز السياسات ودراسات حل الصراع بالجامعة العربية الامريكية العرض الاول لفيلم "خارج المكان ... إدوارد سعيد" المستوحى من كتابه "خارج المكان ... المذكرات"، في حرم الجامعة في رام الله، بحضور مخرجة الفيلم السيدة هبة البوريني وعدد من المهتمين وطلبة الدراسات العليا
وافتتحت الأستاذة رولا شهوان مديرة مركز السياسات ودراسات حل الصراع العرض بكلمة أوضحت فيها أهمية مناقشة محتوى الفيلم وربطة مع فلسفة ورؤية المركز، الداعمة لاحتضان أنشطة ثقافية واكاديمية تعزز المعرفة لدى طلبة الدراسات العليا من خلال توفير مصادر معرفية متنوعة ترتقي بثقافتهم.
وبعد عرض الفيلم دار نقاش ثقافي بين المخرجة والحضور، أوضحت خلاله المخرجة ان الفيلم لا يمكن ان يعالج او يعرض ارث سعيد بأكمله، انما يسلط الضوء على محطّات أساسية اثرت في حياته منذ وصوله إلى الولايات المتحدة، في الخامسة عشرة من عمره وحتى وفاته.
وأكدت ان الفيلم يطرح بشكل مبسط وسلس ذكريات مفكّر، وتجربته الشخصية التي تحمل في طيّاتها فصولًا عن المنفى والاغتراب، بحثا عن هويته الذاتية، من خلال التركيز على حياة سعيد التي هي انعكاس لحياة ملايين الفلسطينيّين الباحثين عن المكان في مواجهة النفي والاغتراب، وبينت ان الفيلم يطرح بشكل رئيسي إشكاليّة سعيد مع المكان، وشعوره بأنّه خارجه منذ صغره وحتى وفاته، وان شعوره بالاغتراب في المكان تعزز مع وصولة الى الولايات المتحدة الامريكية 1951.
وأوضحت البوريني ان الفيلم استعرض ثلاثة احداث مهمة في حياة سعيد بدأت بعد هزيمة حزيران 1967، وتأثره بهذه الهزيمة التي حولته الى مثقف فلسطيني يدافع عن القضية الفلسطينية في وجه الحركة الصهيونية، هذه الحرب اعادته الى نقطة البداية كما أكد في مذكراته "لم أعد الإنسان ذاته بعد 1967 فقد دفعتني صفعة الحرب إلى نقطة البداية، إلى الصراع على فلسطين".. والثاني هو الانتقاد الشديد والعنف الذي تعرض له سعيد خلال عملة في جامعة كولومبيا من قبل الحركة الصهيونية التي نعته ب (برفسور الإرهاب) خاصة بعد صدور كتابة الاستشراق. اما الثالث فهو صراع سعيد مع مرض سرطان الدم، هذ الحدث غير كثيرا في حياة سعيد بل كان بمثابة نكبة أخرى غيرت في حياته على المستويين الشخصي والفكري.
في نهاية النقاش أعربت المخرجة عن سعادتها باستضافة مركز السياسات ودراسات حل الصراع لهذا العرض، وايَضاً بالنقاش والملاحظات التي تم توجيهها من قبل الحضور، وشددت على أهمية تسليط الضوء على قصة حياة إدوارد سعيد باعتباره واحدا من اهم المفكرين العرب، حيث لعب دورا مهما بصفته المثقف والمفكر في نشر عدالة القضية الفلسطينية.
من جهته قدم الدكتور علاء العزة أستاذ علم الانثروبولوجيا والدراسات الثقافية –جامعة بيرزيت تلخيصاً لشهادات شخصيات الفيلم التي عرفت سعيد، من بينها، المفكر نعوم تشومسكي، والأكاديمية والسياسية الفلسطينية حنان عشراوي، وأستاذ تاريخ السياسة والفكر العربي الحديث في "جامعة كولومبيا" جوزيف مسعد، الذين يروون تفاصيل علاقتهم به في مراحل مختلفة.
وأجاب العزة على بعض التساؤلات التي طرحها الجمهور من بينها نظرية الاستشراق ورؤيته للعرب، وموقفه من التطبيع خاصة في الموضوع الثقافي، بالإضافة الى علاقته مع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير بعد اتفاق أوسلو، وبعض الأسئلة المتعلقة بالثقافة والإمبريالية واهمية بناء رؤية للتحرر الاجتماعي والتحرير السياسي.
وفي نهاية النقاش اجمع الحضور من خلال ملاحظاتهم على أهمية إدوارد سعيد الفكرية والأدبية وعلى راسها كتابة "الاستشراق" وان الفيلم مجرد وسيلة تعليمية تعريفية عن ادوارد سعيد الذي لا يمكننا إدراك أهميته الفكرية بمعزل عن المكان، كما أشار أستاذ الأدب المقارن في "جامعة كولومبيا" حميد دباشي: "لن نستطيع فهم أعمال سعيد في هذه المرحلة، إن لم نفهم نزعته الأدبيّة والفكريّة، وانشغاله بسؤال التكيّف، وإنّ هذين الجانبين من حياة سعيد - الفكر والمكان - مترابطان بشدّة".