من مهرجان علم البيانات:
رئيس الجامعة الاستاذ الدكتور علي زيدان ابو زهري: ترتكز فلسفة التعليم في الجامعة العربية الامريكية على الاهتمام بكل ما هو حديث وحيوي ويلبي حاجة المجتمع الفلسطيني من الحلول الابداعية والتقنية. فالجامعة حريصة كل الحرص على استحداث برامج جديدة قادرة على رفد السوق الفلسطيني بخبراء في وقت يكون ذلك السوق في أمس الحاجة اليهم. ليس هذا فقط وانما تأهيل هؤلاء الخريجين ليكونوا خبراء قادرين على المنافسة واثبات الذات في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية.
واليوم نحن بصدد تطبيق تلك الفلسفة على موضوع "علوم البيانات". فالجامعة مؤخراً أطلقت برنامج ماجستير علم البيانات وتحليل الاعمال وهو برنامج بلا شك عالمي المستوى يتم اطلاقه في اغلب الجامعات العريقة. هذا البرنامج يستأثر بأهتمام الشركات والمؤسسات الكبرى في فلسطين ويلاقى اقبالا فاق التوقعات مما يدلل على انعكاس الاهتمام العالمي والسوق المحلي.
والجامعة في سعيها الدائم نحو التميز واستحداث تلك البرامج النوعية تسعى الى استحداث شراكات عالمية مع جامعات عريقة للمساعدة في إطلاق وتدريس تلك البرامج. ومن هذا المنطلق يسرنا أن نعلن بأن نخبة من الخبراء الدوليين سيشاركون في تدريس برنامج علم البيانات جنبا الى جنب مع الخبراء المحليين.
تؤمن الجامعة بمبدأ الشراكات المحلية، وفي هذا الصدد فقد توجت الجامعة مبادرتها في علم البيانات بتوحيد الجهود مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بإطلاق مشروع شراكة استراتيجي وطني يستكمل الجهد الذي بدأته الجامعة وإطلاق مبادرة لإعداد فرق من الكوادر المتخصصة بعلوم البيانات ترفد السوق الفلسطيني والإقليمي والدولي بالأخصائيين القادرين على سد الحاجة المتنامية في هذا المجال.
يعرف علم البيانات بانه مجال تتداخل فيه عدة تخصصات من اهمها الاحصاء والرياضيات والخوارزميات والذكاء الصناعي وتعلم الآلة (Machine Learning) وعلم تعدين البيانات (Data Mining) وتكنولوجيا البيانات الضخمة، بحيث تتداخل تلك العلوم مع بعضها البعض لاستحداث حلول مبتكرة في مجال معالجة البيانات وتحليلها واستخلاص المعلومات والمعرفة وبناء النماذج النبوئية (Predictive Models) التي تُستخدم لتحليل الواقع بشكل عميق وكذلك التنبؤ بالمستقبل.
في السنوات الأخيرة انتشرت مقولة ان " البيانات هي نفط القرن الواحد والعشرين" وذلك لأنها أولا بحاجة الى استخراج وتكرير لكي تكون مفيدة، وان من يمتلكها، يكون الاقدر على امتلاك مصادر القوة والتأثير في العالم. هذا الكلام ينطبق على كل مجالات الحياة، سواء العسكرية والأمنية او الاقتصادية والمالية او في المجال الصحي والبيئي او حتى في العلوم الطبيعية مثل الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والجيولوجيا او حتى العلوم الاجتماعية والانسانية.
يتوقع خبراء الاعمال والمال في المعهد الأوروبي لتحليل البيانات ان يكون حجم سوق علوم البيانات اكثر من 111 مليار دولار في عام 2022. وان هذا المجال من الاعمال سينمو بمقدار 27% سنويا. في الوقت الحاضر تعتبر أغنى الشركات في العالم هي تلك الشركات التي تعتمد بشكل أساسي في دخلها على علوم البيانات. فهذه مثلا شركة جوجل حققت دخل مقداره 116 مليار دولار من الاستخدامات الذكية لعلوم البيانات. واستطاعت شركة نت فلكس (Net Flex) الامريكية توفير اكثر من مليار دولار عن طريق معرفة رغبات المشاركين والاحتفاظ بهم.
هذه الثروات الضخمة التي تنتج من قبل الشركات التي أحسنت إستغلال البيانات تمثل فقط 1% من البينات الموجودة على الانترنت. فلنتخيل حجم المشاكل التي ستحل، وحجم الدخل الذي سينتج اذا ما تم تحليل 10% او 20% من البيانات المتوفرة حاليا على شبكة الانترنت.
بناءا على تلك التطورات المتسارعة في علم البيانات، أصبحت وظائف علم البيانات هي الوظائف الأكثر جاذبية في السنوات الأخيرة. وفي هذا المجال تشير مراكز الأبحاث الى أن حجم الوظائف المتاحة في مجال علم البيانات ستكون فلكية. حيث تتوقع شركة مكنزي الاستشارية الامريكية ان يتجاوز حجم سوق العمل في مجال علوم البيانات اكثر من 4 مليون وظيفة عام 2020 في أمريكا وحدها. ونفس المؤسسة اشارت في دراسة أخرى الى أنه سيكون هنالك اكثر من 2.7 مليون شاغر وظيفي في مجال علوم البيانات بحلول عام 2020 في بقية دول العالم. وفي نفس المجال تشير شركة IBM الى أن الحاجة الى أخصائي علوم البيانات ستشهد زيادة سنوية مقدارها 28%، وان الحاجة الى تحليل البيانات قد خلق اكثر من 14 مليون فرصة عمل منذ عام 2013. وتجدر الإشارة هنا الى أن أخصائي علوم البيانات يتلقون أجور تتراوح بين 110 – 150 الف دولار سنويا في السوق الامريكية.
السوق الفلسطيني بدا حراكا لا رجعة عنه للاستفادة من ثورة علم البيانات، فالإقبال الذي شهده برنامج الماجستير في علم البيانات من قبل الباحثين عن عمل ومن قبل الشركات - حيث ان الكثير من الشركات انتدبت موظفيها للدراسة في البرنامج – لهو مؤشر قوي على ذلك التوجه.
كما تشير دراسة سريعة قامت بها الجامعة العربية الامريكية الى أن الكثير من الشركات والمؤسسات المحلية اما انها قد افتتحت قسما لعلم البينات او تنوي افتتاح ذلك القسم في المستقبل القريب. والملاحظ أن هناك نموا مطردا في الطلب على تلك التخصصات.
في هذا المهرجان وبوجود هذا العدد الكبير من المعنيين وبحضور دولة رئيس الوزراء والذي يبحث عن كل مجال أقتصادي جديد لتطوير اقتصادنا الوطني أمام كافة المسئولين من كل المؤسسات نعلن باننا قد قررنا نحن والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بأن نقود معا الجهد الوطني في هذا المضمار. فبالإضافة الى برامج الدراسات العليا التي تطرحها الجامعة، فقد قررت الجامعة توحيد جهودها مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني – الجهة الوطنية الاضخم في الاحصاء والبينات- وإطلاق عدد من المبادرات التي نأمل منها بأن يكون لفلسطين دور بارز في هذا المجال.